أقر مجلس الوزراء اللبناني في جلسته المنعقدة في الرابع عشر من تموز الجاري بشكل مبدأي ورقة أعدتها وزارة الشؤون الاجتماعية في لبنان تتضمن سياسة الوزارة في التعامل مع ملف اللاجئين السوريين، وخطتها لتنظيم عودتهم إلى سوريا، كما تتضمن الخطة التي يتم تداول مسودتها عبر عدة مواقع ثلاث محاور بشكل رئيسي للتعامل مع القضية، وهي البعد اللبناني والبعد اللبناني السوري والبعد اللبناني الدولي، وفي حال كانت هذه الورقة صحيحة، فإن الموقعين يدينونها ويبدون مخاوف وقلق بالغ حول هذه السياسة.
تعتمد الخطة على جملة من المعلومات والتي تحتوي جملة من التناقضات، من ضمنها الارتكاز على معلومة تقول أن دراسة أعدتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تستنتج أن 89% من اللاجئين السوريين يرغبون بالعودة لوطنهم، بينما في الحقيقة الدراسة تستنتج أن الظروف غير ملائمة لرغبتهم بالعودة وتوضح ازدياد في نسبة السوريين الذين لا ينوون العودة من لبنان خلال العام القادم بنسب من 85 % إلى 88.
تؤكد الدراسة المسحية التي أعدتها المفوضية أن عدم توفر عوامل السلامة والأمان هو العامل الرئيسي في قرارهم، يليه مباشرة عدم توفر سبل العيش، بعكس ما تضمنته ورقة الحكومة اللبنانية التي ترتكز على تحسن الأوضاع الأمنية في سوريا كركيزة أساسية لبناء سياستها. عدا أن ذلك يعاكس استنتاجات دراسات ومسوحات أعدتها دول أخذت حصة كبيرة من استقبال اللاجئين السوريين، حيث خلصت دراسة أعدتها الخارجية الألمانية في حزيران الماضي أن الأوضاع الامنية في سوريا ليست آمنة للعودة.
تستند الورقة أيضاً على جملة من الاجراءات التي تعتمدها الحكومة السورية من ضمنها مجموعة من مراسيم العفو التي طالت جملة من المخالفات والجرائم المرتكبة في سوريا، ولكن لم تشمل هذه المراسيم في أي مرة معتقلي الرأي والمعتقلين/ات السياسيين/ات أو العاملين/ات في الشأن العام بما فيهم العاملين/ات في الشأن الإنساني، مما يثير مخاوف حقيقية حول الجدوى لهذه المراسيم في إزالة الخطر الواقع على هذه الشريحة في حال عادت للبلاد.
كذلك تستند السياسة التي وضعتها وزارة الشؤون الاجتماعية على الإجراءات التي تتخذها الحكومة السورية على المعابر الحدودية في إغفال تام لحالات الاعتقال التي تلي عودتهم، وقد وثقت تقارير تعرّض ما يزيد عن 2000 لاجئ سوري للاعتقال بعد عودتهم عدا عن تصريح من وزير الدولة لشؤون اللاجئين في لبنان في نوفمبر 2019 عن تعرض 20 لاجئ سوري (من بينهم طفلين) للقتل تحت التعذيب بعد عودتهم إلى سوريا.
كما أن الخطة التي وضعتها الحكومة اللبنانية في محاورها الثلاث، تضع تشجيع اللاجئين على العودة إلى سوريا كهدف رئيسي وذلك يناقض مقدمة الورقة التي تؤكد الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان وعلى رأسها مبدأ عدم الإعادة القسرية non refoulement. كما أن الخطة تضع الحكومة السورية كشريك بما يتضمن مشاركة معلومات بحجة تذليل العقبات أمام عودة اللاجئين، متجاهلة كون الحكومة السورية طرف رئيسي في الصراع، له الحصة الأكبر من الانتهاكات الحاصلة خلال تسع أعوام، ولسياساتها الأمنية الحصة الأكبر من عوامل دفع السوريين إلى الهجرة خارج البلاد.
إضافة إلى ذلك فإن خطة وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية تتضمن حملات إعلامية وتوعوية تشجع اللاجئين على العودة مما من شأنه زيادة الاحتقان والحساسية بين المجتمع المضيف واللاجئين، مما سيحفز المجتمع المضيف لزيادة السلوكيات التي تضغط على اللاجئين للعودة. هذه السياسات من شأنها إلى جانب الظروف المتدهورة في لبنان أن تدفع ما يزيد عن خمسين ألفاً من اللاجئين إلى العودة إلى سوريا على الرغم من معرفتهم أن عودتهم غير آمنة.
وبينما ترفض الخطة الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية أي إجراءات من شأنها إعادة توطين اللاجئين في لبنان فإنها تطالب بتخصيص تمويل لبرامج إعادة توطين نفس اللاجئين في بلدان ثالثة.
لدى منظمات المجتمع المدني والمنظمات الغير حكومية الموقعة مخاوف كبيرة حول البنود الموجودة في الخطة والتي تحصر قيادة عملية الاستجابة للاجئين تحت قيادة الحكومة اللبنانية متضمنة فرض مشاركة معلومات عن كل الأنشطة والمشاريع التي تقدمها المنظمات الغير حكومية، وفرض سيطرة على التمويل المقدم للاستجابة للاجئين، وإقصاء المنظمات الغير حكومية المنخرطة في الاستجابة من عملية التخطيط رغم استعدادهم الكامل للتعاون.
إن المنظمات الموقعة على هذه الرسالة، تطالب:
المنظمات والمؤسسات الموقعة: